فصل: حروب قراوش مع العرب وعساكر بغداد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتنة قراوش مع بهاء الدولة بن بويه.

ولما كانت سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة بعث قراوش بن المقلد جمعا من بني عقيل إلى المدائن فحصروها فبعث أبو جعفر بن الحجاج بن هرمز نائب بهاء الدولة ببغداد عسكرا إليهم فدفعوهم عنها فاجتمعت عقيل وبنو أسد وأميرهم علي بن مزيد وخرج أبو جعفر إليهم واستجاش بخفاجة وأحضرهم من الشام فانهزم واستبيح عسكره وقتل وأسر من الأتراك والديلم كثير ثم جمع العساكر ثانيا ولقيهم بنواحي الكوفة فهزمهم وقتل وأسر وسار إلى أحياء بني مزيد ونهب منها ما لا يقدر قدره ثم سار قراوش إلى الكوفة سنة سبع وتسعين وكانت لأبي علي بن تمال الخفاجي وكان غائبا عنها فدخل قراوش الكوفة وصادرهم ثم قتل أبو علي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وكان الحاكم صاحب مصر قد ولاه الرحبة فسار إليها وخرج إليه عيسى ابن خلاط العقيلي فقتله وملكها ثم ملكها بعده غيره إلى أن ولي أمرها صالح بن مرداس الكلابي صاحب حلب.

.قبض قراوش على وزرائه.

كان معتمد الدولة قراوش بن المقلد قد استوزر أبا القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي وكان من خبره أن أباه من أصحاب سيف الدولة بن حمدان فذهب عنه إلى مصر وولي بها الأعمال وولد ابنه أبا القاسم ونشأ هنالك ثم قتله الحاكم فلحق أبو القاسم بحسان بن مفرج بن الجراح الطائي بالشام وأغراه بالانتقاض والبيعة لأبي الفتوح الحسن بن جعفر صاحب مكة ففعل ذلك ولم يتم أمر أبي الفتوح ورجع إلى مكة ولحق أبو القاسم المغربي بالعراق واتصل بفخر الملك فارتاب به القادر لانتسابه إلى العلوية فأبعده فخر الملك فقصد قراوش بالموصل فاستوزره ثم قبض عليه سنة إحدى عشرة وأربعمائة وصادره على مال زعم أنه ببغداد والكوفة فأحضره وترك سبيله فعاد إلى بغداد ووزر لشرف الدولة بن بويه بعد وزيره مؤيد الملك الرجيحي وكان مداخلا لعنبر الخادم الملقب بالأثير المستولي على الدولة يومئذ ثم سخطه الأتراك وسخطوا الأبهر فأشار عليه بالخروج عن بغداد فخرج الوزير وأبو القاسم معه إلى السندية وبها قراوش فأنزلهم وساروا إلى أوانا وبعث الأتراك إلى الأثير عنبر بالاستعتاب فاستعتب ورجع وهرب أبو القاسم المغربي إلى قراوش سنة خمس عشرة وأربعمائة لعشرة أشهر من وزارته ثم وقعت فتنة بالكوفة كان منشؤها من صهره ابن أبي طالب فأرسل الخليفة إلى قراوش في إبعاده عنه فأبعده وسار إلى ابن مروان إلى ديار بكر وهنالك يذكر بقية خبره ثم قبض معتمد الدولة قراوش على أبي القاسم سليمان بن فهر عامل الموصل له ولأبيه وكان من خبره أنه كان يكتب في حداثته بين يدي أبي إسحاق الصابي ثم اتصل بالمقلد بن المسيب وأصعد معه إلى الموصل واقتنى بها الضياع ثم استعمله قراوش على الجبايات فظلم أهلها وصادرهم فحبسه وطالبه بالمال فعجز وقتل.

.حروب قراوش مع العرب وعساكر بغداد.

وفي سنة إحدى عشرة وأربعمائة اجتمع العرب على فتن قراوش وسار إليه دبيس ابن علي بن مزيد الأسدي وغريب بن معن وجاءهم العسكر من بغداد فقاتلوه عند سر من رأى ومعه رافع بن الحسين فانهزم ونهبت أثقاله وخزائنه وحصل في أسرهم وفتحوا تكريت عنوة من أعماله ورجعت عساكر بغداد إليها واستجار قراوش بغريب بن معن فأطلقه ولحق بسلطان بن الحسن من عمال أمير خفاجه واتبعه عسكر من الترك وقاتلهم غربي الفرات وانهزم هو وسلطان وعاث العسكر في أعماله فبعث إلى بغداد بمراجعة الطاعة وقبل ثم كانت الفتنة بينه وبين أبي أسد وخفاجه سنة سبع عشرة وأربعمائة لأن خفاجه تعرضوا لأعماله بالسواد فسار إليهم من الموصل وأميرهم أبو الفتيان منيع بن حسان فاستجاش بدبيس بن علي بن مزيد فجاءه في قومه بني أسد وعسكر من بغداد والتقوا بظاهر الكوفة وهو يومئذ لقراو ش فخاف قراوش عن لقائهم وأجفل ليلا للأنبار واتبعوه فرحل عنها إلى حلله واستولى القوم على الأنبار وملكوها ثم فارقوها وافترقوا فاستعادها قراوش ثم كانت الحرب بينه وبين بني عقيل في هذه السنة وكان سببها أن الأثير عنبر الخادم حاكم دولة بني بويه انتقض عليه الجند وخافهم على نفسه فلحق بقراوش فجاء قراوش وأخذ له أقطاعه وأملاكه بالقيروان فجمع مجد الدولة بن قراد ورافع بن الحسين جمعا كبيرا من بني عقيل وانضم إليهم بدران أخو قراوش وساروا لحربه وقد اجتمع هو وغريب بن معن والأثير عنبر وأمدهم ابن مروان فكانوا في ثلاثة عشر ألفا والتقوا عند بلدهم فلما تصافوا والتحم القتال خرج بدران بن المقلد إلى أخيه قراوش فصالحه وسط المصاف وفعل ثوران بن قراد كذلك مع غريب بن معن فتوادعوا جميعا واصطلحوا وأعاد قراوش إلى أخيه بدران مدينة الموصل ثم وقعت الحرب بين قراوش وبين خفاجه ثانيا وكان سببها أن منيع بن حسان أمير خفاجه وصاحب الكوفة سار إلى الجامعين بلد دبيس ونهبها فخرج دبيس في طلبه إلى الكوفة فقصد الأنبار ونهبها هو وقومه فسار قراوش إليهم ومعه غريب بن معن الأنبار ثم مضى في اتباعهم إلى القصر فخالفوه إلى الأنبار ونهبوها وأحرقوها واجتمع قراوش ودبيس في عشرة آلاف وخاموا عن لقاء خفاجه فلم يكن من قراوش إلا بناء السور على الأنبار ثم سار منيع بن حسان الخفاجي إلى الملك كيجار والتزم الطاعة وخطب له بالكوفة وأزال حكم بني عقيل عن سقي الفرات ثم سار بدران بن المقلد في جموع من العرب إلى نصيبين وحاصرها وهي لنصير الدولة بن مروان فجهز لهم الجند وبعثهم إليها فقاتلوا بدران فانهزم أولا ثم عطف عليهم فانهزموا وأثخن فيهم وبلغه الخبر أن أخاه قراوش قد وصل إلى الموصل فأجفل خوفا منه.